انترسبت الامريكي .. يتحدث عن علاقة ابوظبي وواشنطن باعتقالات السعودية

انترسبت الامريكي .. يتحدث عن علاقة ابوظبي وواشنطن باعتقالات السعودية

ناقش تقرير لموقع "الإنترسبت" الأمريكي علاقة كل من أبوظبي وواشنطن بما شهدته السعودية من تطورات تتعلق بحملة الاعتقالات التي قام بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضد أمراء و رجال الأعمال السعوديين والشخصيات الإعلامية وأفراد من العائلة المالكة، مما أثار ضجة كبيرة في العالم.

ومن بين 10 أمراء و38 شخصية أخرى، استهدفت هذه الحملة الأمير الوليد بن طلال، أحد أغنى الرجال في العالم، الذين يملكون حصصا كبيرة في أكبر الشركات العالمية انطلاقا من سيتي بنك وصولا إلى تويتر والشركة الأم لفوكس نيوز.

في الماضي، عمل الأمير الوليد بن طلال مع الرئيس دونالد ترامب. ولكن خلال حملته الانتخابية، تحول ترامب إلى ناقد عنيف له، حيث أعرب عن غضبه خلال تغريدة نشرها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التحرك ضد الوليد وبقية المسؤولين الآخرين كان نتيجة تحقيق سري أجرته "اللجنة العليا لمكافحة الفساد".

ووفقا لوكالة الأنباء السعودية، أشاد وزير التربية والتعليم، الدكتور أحمد بن محمد العيسى، بالمرسوم الملكي الذي يقضي بتشكيل هذه اللجنة العليا قائلا إن "هذه اللجنة تبشر بمستقبل من الحزم ضد الذين يحاولون تقويض قدرات الوطن".

مهما كان تفسير الجهات الرسمية لهذه الخطوة، ينظر العالم إلى ما حدث في السعودية مؤخرا باعتباره مجرد سيطرة على السلطة من قبل ولي العهد الصاعد في المملكة العربية السعودية.

وفي هذا السياق، قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، في إحدى المقالات التي نشرتها حيال هذا الشأن، إن "حملة الاعتقالات الواسعة تمثل الخطوة الأخيرة لتعزيز سلطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الابن المفضل والمستشار الأول للملك سلمان".

حيال هذا الشأن، أضافت الصحيفة أن "الملك قرر تشكيل لجنة جديدة لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد قبل ساعات فقط من إصدار هذه اللجنة لأوامر الاعتقالات".

ووفقا للمعلومات التي توصّل إليها موقع الإنترسبت الأمريكي، يُحتجز معظم الأمراء في فندق ريتز كارلتون الواقع في الرياض.

وفي هذا الإطار، أفاد مصدر سعودي بأن "أفراد العائلة المالكة لا يزج بهم في السجن".

سياسة جديدة

من جانب آخر، تمثل هذه الخطوة لحظة حساب لمؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن، التي وقّعت صفقة مع ولي العهد محمد بن سلمان، وسفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، الذي لطالما كان من بين المناصرين الرئيسيين لولي العهد السعودي في واشنطن.

في واقع الأمر، تتمحور الترتيبات المسكوت عنها التي تبدو واضحة للجميع حول ضخ الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الملايين لصالح النظام الإيكولوجي السياسي في واشنطن، بينما تحاول هذه الدول القيام ببعض "الإصلاحات".

مقابل ذلك، ستدّعي واشنطن أنها تصدق ذلك. لذلك، حظيت بعض السياسات الجديدة التي اتبعها محمد بن سلمان بالترحيب هناك؛ منها تلك قام فيها برفع الحظر المفروض على قيادة النساء.

من هذا المنطلق، اتبع محمد بن سلمان، البالغ من العمر 32 سنة، سياسة إقليمية متهورة وخطيرة، ساهمت في احتدام التوتر مع إيران، وأنتجت حربا كارثية على اليمن، وحصارا على حليفتها قطر.

فضلا عن ذلك، كانت تلك السياسات الإقليمية كارثية بالنسبة للملايين الذين عانوا من عواقبها السلبية، على غرار شعب اليمن الذي يحدق به شبح المجاعة، فضلا عن تداعياتها على المملكة العربية السعودية.

وقد واصل محمد بن سلمان اتباع النهج ذاته واستمر أنصاره في واشنطن في دعمه.

الأيادي الأمريكية والإماراتية

في الحقيقة، انطلقت عملية التطهير الأخيرة بعد أيام قليلة من الزيارة التي أداها مستشار البيت الأبيض، جاريدكوشنر، الذي يعد حليفًا وثيقًا للعتيبة، إلى الرياض، وبعد ساعات فقط من تغريدة غريبة نشرها ترامب على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.

ومهما كان الجدل الذي أثاره محمد بن سلمان في السابق، فإن ذلك قد انتهى يوم السبت الفارط لأن رغبته في السيطرة على السلطة قد باتت واضحة ولا يمكن لأحد أن يتجاهلها.

مما لا شك فيه، يضع ما حدث مؤخرا الزملاء المقيمين في معاهد الدراسات في واشنطن في موقف صعب. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى ما ذكره موقع الإنترسبت في أحد مقالاته، الذي كشف أن أحد مراكز الأبحاث، وهو معهد الشرق الأوسط، حصل على مبلغ ضخم بقيمة 20 مليون دولار من الإمارات العربية المتحدة.

من منظور آخر، يعتبر محمد بن سلمان من أحد المشاريع التي راهنت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي هذا الإطار، أفاد العتيبة في إحدى تصريحاته "علاقتنا معهم (السعودية) تستند إلى العمق الإستراتيجي، والمصالح المشتركة. و لأهم من ذلك، نحن نأمل في أن نتمكن من التأثير عليها وليس العكس".

تحركات العتيبة

على مدار السنتين الماضيتين، ساهم العتيبة في التعريف بمحمد بن سلمان  في واشنطن. بالإضافة إلى ذلك، قدّم تأكيدات على التزامه بتحديث وإصلاح المملكة العربية السعودية، وذلك وفقا لما صرح به الأشخاص الذين تحدثوا معه، وأكدته رسائل البريد الإلكتروني التي سرّبتها مجموعة "غلوباليكس".

وعندما واجه العديد من الانتقادات اللاذعة، اتجه العتيبة إلى الإقرار بأن مشروع الإصلاح هو قيد التنفيذ، وظلّ يصر على أن العمل فيه تقدّم، نظرا لأن محمد بن سلمان يمثل أفضل فرصة للمنطقة.

في سياق متصل، أوضح العتيبة في رسالة أخرى قائلا "لا أعتقد أننا سوف نرى زعيما أكثر براغماتية في ذلك البلد. لهذا السبب فإن التواصل معه مهم جدّاً، وسيُسفر عن أفضل النتائج التي يمكن أن نخرج بها من السعودية، وأعتقد أن محمد بن سلمان هو شخص عملي أكثر بكثير مما كنا نسمعه داخل السعودية".

في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى كاتب في صحيفة واشنطن بوست، ديفيد إغناتيوس، أوضح العتيبة حقيقة أفكاره، فضلا عن أنه قدّم له الشكر في تلك الرسالة، التي كان مفادها "أشكركم على توفير الوقت للذهاب هناك والحديث مع محمد بن سلمان. وبصفتي شخصا يعرف المنطقة جيدا، تكشف الطريقة التي كتبت فيها المقال أنك بدأت في رؤية ما كنا نقوله على مدى السنتين الماضيتين. أي التغيير! التغيير في المواقف، وتغييرا في الأسلوب، والتغيير في الاستراتيجية".

في شأن ذي صلة، أضاف المصدر ذاته "أعتقد أننا جميعا نتفق على أن المملكة العربية السعودية في أمس الحاجة إلى هذه التغييرات. وأنا مرتاح لأنك رأيت ما كنا نراه والذي كنا نحاول أن نثبته. وسوف يكون صوتك ومصداقيتك عاملان يساعدان الناس على فهم وتصديق ما نقوله. وفي الوقت الراهن، تتمثل مهمتنا في القيام بكل شيء ممكن لضمان نجاح محمد بن سلمان".

في خطوة غير مسبوقة، استأجرت المملكة العربية السعودية مؤخرا شركة العلاقات العامة في الإمارات العربية المتحدة، وهي مجموعة هاربور، التي يديرها صديق العتيبة، ريتشارد مينتز. وكان ريتشارد كلارك، الأكثر شهرة بالاعتذار العلني الذي صرّح به على خلفية ضحايا هجوم 11 أيلول/ سبتمبر بسبب فشل أجهزة المخابرات في اكتشافه، من الأشخاص الذين وجّهوا انتقادات لاذعة للمملكة العربية السعودية في أعقاب ذلك الهجوم.

في الوقت الراهن، يشغل صديقُ العتيبة، منصب رئيس مجلس إدارة معهد الشرق الأوسط، وقد ضغط شخصيا على المملكة العربية السعودية للحصول على التمويل، وقد تمكن من الخروج من السفارة السعودية مع شيك تصل قيمته إلى 500 ألف دولار.

علاوة على ذلك، يعمل ممثل السعوديّة لفترة طويلة في العاصمة واشنطن، مايكل بيتروزيلو، كأحد أعضاء مجلس "معهد الشرق الأوسط".

 

ويضيف الموقع " من جهة أخرى، تميل دول الخليج، الى إنتاج نفس النوع من التنافس العائلي. ففي أبوظبي كره ولي العهد محمد بن زايد، المعلم الخاص للعتيبة، منذ فترة طويلة محمد بن نايف، الذي كان على خط العرش السعودي، حتى إنه كان  ينعته "بالقرد" علنا. لهذا السبب، رأى كلا من محمد بن زايد والعتيبة في شخص محمد بن سلمان السبيل الوحيد للتخلص من بن نايف. وقد استطاعا تحقيق سيطرة أكبر على البلد من خلال صعود الأمير المبتدئ. ولاقى صعوده ترحيبا كبيرا في دوائر واشنطن".

في هذا السياق، صرّح العلماء في مراكز الأبحاث المدعومة بالمال السعودي والإماراتي أنهم يفخرون بقدرتهم على التعبير والكتابة بحرية، فضلا عن أنهم أعربوا عن غضبهم من أي اتهامات تفيد بأن هذا التمويل يفسد المنتج الفكري. وفي الحقيقة، كانت كل هذه الادعاءات مشكوكا فيها دائما. وفي الأيام القليلة المقبلة سوف تكون تلك الادعاءات موضع اختبار ولكن هذه المرة بطريقة فريدة من نوعها.

ومؤخراً  تحركت ماكينة اللوبي الإماراتي في واشنطن من أجل الترويج لحملة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على خصومه، وإقناع الرأي العام الأميركي بأن ما يجري  من حملات اعتقال، طاولت أمراء من العائلة الحاكمة، وما تبعها من أحداث بأنها  حملة ضد الفاسدين من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال في المؤسسة السعودية التقليدية.

وكانت تصريحات صدرت عن قيادات في أبوظبي تؤكد دعمها للإجراءات التي اتخذها بن سلمان، فيما اعتبر الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله  الاعتقالات بأنها "شجاعة وغير مسبوقة"، رافعاً شعار هاشتاغ (#الملك_يحارب_الفساد)، كما وصف معارضي هذه الأوامر لمحاربة الفساد بأنها "أصوات نكرة وكارهة للسعودية".

الكاتب