حقيقة مراكز المناصحة والهدف منها في دولة الإمارات

حقيقة مراكز المناصحة والهدف منها في دولة الإمارات

مركز الإمارات لحقوق الإنسان:

نشر مركز الإمارات لحقوق الإنسان عبر موقعه حول حقيقة مراكز المناصحة والهدف منها في دولة الإمارات، في ظل ممارستها  لانتهاكات وخروقات حقوقية وقانونية  بحق النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين لم تكتف باعتقالهم وإخفائهم قسريا لأشهر ثم تقديمهم لمحاكمات جائرة وإصدار أحاكم قاسية ضدهم بل عمدت الى تمديد احتجاز عدد منهم رغم انقضاء فترة أحكامهم كاملة وهو ما يعد ودون شك اعتقالا تعسفيا.

وجاء في التقرير:

ما فتئت مسألة انتهاك حقوق الإنسان في الإمارات تشغل المنظمات الحقوقية في العالم وتثير قلق أغلب المعنيين بالحقوق والحريات والمتتبعين للخروقات والتجاوزات لا سيما في العالم العربي، خاصة بعد التضييقيات التي أضحت تمارسها دولة الإمارات على عدد من الناشطين المدنيين السلميين والمدونين على شبكات التواصل الاجتماعي، تحت يافطة محاربة الإرهاب حتى تضمن غطاء دوليا لممارساتها القمعية.

غطاء سرعان ما عرّته أصوات المعتقلين بأحكام جائرة الذين لم تكتف السلطات بسجنهم من أجل جرائم الكترونية بل انها واصلت احتجازهم في مراكز مناصحة دون وجه حق بدعوى تأهيلهم دينياً واجتماعياً .

  • تعديلات قانونية للمزيد من التضييق على الحريات :

منذ اعلان قانون مكافحة الإرهاب، صدرت عدة تقارير دولية في شأن انتهاك حقوق الإنسان في دولة الإمارات تتعلق بالأحكام الجائرة على عدد من الناشطين والمدنيين أحكام تراوحت بين ثلاثة سنوات وخمس سنوات سجنا مع تغريمهم بمبالغ مالية كبيرة تصل إلى مليون درهم، ثم احتجازهم في مراكز مناصحة إثر انتهاء فترة حكمهم دون سند قانوني واضح.

وقد تلقت دولة الإمارات 132 توصية في عام 2018 من عدة دول ومنظمات حتى يقع التخفيف من التجاوزات الحقوقية في حق المتهمين الذين لم يثبت تورطهم في قضايا إرهابية بشكل مباشر.

وعلى هذا الأساس، توقع عدد من المراقبين والحقوقيين أن يستجيب النظام الإماراتي ولو لبعض ما جاء في التوصيات تحسبا من تقارير اضافية يمكن أن تسئ لصورته في الخارج وتفضح ممارساته القمعية تجاه بعض المتهمين بضلوعهم في جرائم الكترونية دون وجاهة قانونية رغم كل محاولات التكيف القانوني التعسفية للتهم المنسوبة إليهم.

إلا أن النظام الإماراتي فاجأ الجميع عندما أعلن عن تعديلات قانونية تشدد أكثر على الحريات الفردية وحيرة التعبير مثل تعديلها قانون الجرائم الإلكترونية من خمس إلى عشر سنوات سجنا ؟، وهي جرائم سيصعب أن يرسم المشرع القانوني حدودها الواضحة، وبالتالي يعسر على المتهم بمثل هذه الجرائم أن يثبت براءته، فيجد نفسه في مواجهة تهم فضفاضة وقانون ضبابي قد يكلفه حريته لسنوات دون وجه حق ودون القدرة على الدفاع عن نفسه .

وبالإضافة الى هذه التعديلات القانونية الجائرة واصلت السلطات الإماراتية حسب محكومين انتهت فترة محكوميتهم في سجن الرزين وذلك بمواصلة احتجازهم في مراكز المناصحة بغير وجه حق .

 

  • ماهي مراكز المناصحة؟

في 20 آب/تموز من سنة 2014 ورداً على ما يحدث في العالم العربي من انتفاضات وثورات، أصدر المجلس الاتحادي القانون رقم 7 لمكافحة الإرهاب، وهو قانون غائم وفضفاض حسب توصيف أغلب المراقبين يسمح للدولة باستخدام عقوبة الإعدام وكافة العقوبات المتشددة، كمنا أعلن هذا القانون عن تكوني مراكز للمناصحة تهدف حسب ما تم الإعلان هنه من قبل الدولة إلى الاهتمام بالمساجين المتهمين في قضايا ارهاب اثر انتهاء فترة محكوميتهم، وذلك عبر تقديم الرعاية النفسية والاجتماعية لإعادة إدماجهم لاحقاً في المجتمع .

ولكن القانون المتعلق بهذه المراكز لا يبين الآليات التي سيتم اعتمادها لإعادة تأهيل هؤلاء المساجين، ولا يقدم فكرة عن ظروف الإقامة هناك واليت اتضح أنها لا تختلف عن الإقامة في السجون، ولا يحدد المدة التي يتعين على من أنهى فترة محكوميته بقاؤه داخل المراكز، كما أنه لا يجعل الأمر اختيارياً بالنسبة للسجين أو عائلته إنما هو حكم اجباري يفرض إلزاماً دون وجه قانوني، ودون أن ينص على ذلك حكم قضائي واضح سواء في المحاكمة الأولى أو إثر انقضاء فترة المحكومية .

  • وفي مايو 2016 أعلنت السلطة بدأ تشغيل هذه المراكز التي نص عليها قانون مكافحة الإرهاب ضمن المواد 1 و 40 و 48 و 66 .

 

  • مراكز مناصحة أم احتجاز تعسفي ؟
  • تجمع القوانين الإماراتية على تعريف مركز المناصحة والإرشاد على أنه وحدات إدارية تهدف الى اصلاح الأشخاص الذين يشكلون تهديدا ارهابياً أو أولئك المتهمين بارتكاب جرائم ارهابية، وهو ما يلاحظ في هذا السياق أن مصطلح تهديد ارهابي غير محدد بوضوح ودقة وهو ما قد يؤدي إلى استخدام القانون بشكل تعسفي قد يطال ناشط\ين مدنيين سلميين أو معارضين سياسيين عبروا بطريقة سلمية .

وهو ما حدث فعلاً، فوفق قانون مكافحة الإرهاب وما نص عليه من مواد تتعلق بمراكز المناصحة وقع احتجاز عدد من السجناء باستمرار حبسهم رغم انتهاء مدى الحكم وهم في أغلبهم على صلة بحركة الإصلاح ذات التوجه الإسلامي ، والمتحصلة على ترخيص للنشاط السياسي منذ أواسط السبعينات .

وقد أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش وهي منظمة دولية غير حكومية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، أن السلطات الإماراتية تحتجز خمسة من المواطنين على الأقل دون وجه حق رغم انتهاء فترة محكوميتهم|، وهو مقال عنه " مايكل بيج"، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في نفس المنظمة " حرمان المعتقلين من الحرية لسنوات طويلة بعد انتهاء أحكامهم يظهر ازدراء صارخاً لسيادة القانون .

  • لهؤلاء الرجال جميعهم حياة وعائلات ليعودوا إليها، وينبغي ألا يواجهوا احتمال الاحتجاز إلى أجل غير مسمى، وهو أمر قاسي وغير قانوني" .

كما أوضحت المنظمة في بيان لها أصدرته في يوليو أن من بين المتهمين من كتنوا بالأساس ضحايا أحكام جائرة نفذت بين العامين 2014 و 2016 على خلفية مات يسمى بجرائم الكترونية وهم الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أسامة النجار وخليفة ربيعة وعثمان الشحي

وقد اعتقل كل من ربيعة والشحي في 23 يوليو 2013 وتم الحكم عليهما بالسجن لخمس سنوات وتغريمهما ب 500 ألف درهم بتهمة انتقاد الدولة على تويتر واستندت السلطات الى الوسمة كديلي أو ما يسمى بالهاشتاغ.

أما النجار فقد غادر السجن مؤخراً بعد أن ظل حبيساً في السجون الإماراتية رغم انقضاء محكوميته إذ وقع إلقاء القبض عليه بسبب تغريده على تويتر انتقد فيها الحكم الجائر على والده حسين النجار المعتقل ضمن القضية المعروفة " امارات 94 " والتي حوكم فيها بعشر سنوات سجنا، ويذكر أنه تم اعتقاله في آذار/مارس 2014 وظل قيد الإيقاف طيلة ستة أشهر دون تهمة محدد قم حوكم بموجب قانون الجرائم الإلكترونية .

وما ان أنهى أسامة النجار محكوميته التي دامت ثلاث سنوات سجنا حتى احتجز لاحقا في مركز مناصحة بغير وجه قانوني، وهو مركز تم الحاقه بالسجن سيء الذكر سجن الرزين.

ورغام اطلاق سراحه منذ مدة ونشر فيديو له يعتذر فيه للدولة ويعترف فيه بذنب لم يرتكبه، بطريقة يبدو من الواضح أنها تلقينيه املائية، فإن هذا لبا يعفي السلطات من مسؤولياتها في الخروقات القانونية التي طالت النجار ويمكن أن تطال غيره، كما أن الفيديو يمكن أن يدين الدولة أكثر مما يدين المتهم لأنه يجعل شبهة الضغط على المتهم من أجل الاعتراف والاعتذار واردة جدا، بل لعل الفيديو كان الثمن الباهض الذي دفعه النجار مقابل اطلاق سراحه وهذا خرق قانوني آخر يضاف للائحة التجاوزات لحقوق محكومين يفترض أنهم نالوا عقابهم وليسوا مطالبين بعد ذلك بالاعتراف والاعتذار .

  • مراكز الإرشاد والمناصحة والمخالفات القانونية:

" إن المتفحص في الملابسات القانونية الحافة بمراكز الإرشاد يمكنه أن يرصد عدة مخالفات قانونية نذكر منها التالية:

  • تنص المادة 60 من قانون مكافحة الإرهاب على أنه بمقتضى قرار صادر عن مجلس الوزراء، ينشأ واحد أو أكثر من مراكز إرشاد وتوجيه الأفراد المحكوم عليهم في جرائم ارهابية أو الذين يعتبرون ارهابيين خطيرين ، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا: من هي الجهة المسؤولة عن هذه المراكز؟
  • هل يفترض أن تكون تابعة لوزارة الداخلية كما هو الحال أم أنه يتعين عليها أن تكون تابعة لهيكل مدني ذو صبغة اجتماعية حتى نضمن الحياد والشفافية والنأي بأهداف المركز عن الغايات الانتقامية، وحتى نكفل للمحكومين المنتهية فترة سجنهم إعادة تأهيل نفسية واجتماعية ودينية كما تزعم السلطات .
  • ينص الدستور الإماراتي في المادة 28 على |أن المتهم برئ حتى تثبت ادانته، وهو ما يتعارض تمام مع القانون الاتحادي لسنة 2014 الذي يكتفي بالشبهة لاعتقال أشخاص والزج بهم في السجون لمحاكمات جائرة ثم في مراكز مناصحة .
  • عدم تعيين مدة زمنية محددة للإيداع بمراكز المناصحة أو على الأقل تحديد مدة زمنية قصوى لا يمكن تجاوزها .
  • تمنع المادة 40 من القانون الاتحادي لسنة 2014 المحكومين بقضايا ارهاب والمحتجزين في مراكز ارشاد التوجه للقضاء قصد التظلم أو الطعن أو الاستئناف ضد قرار الاعتقال.
  • وما يمكن أن نخلص إليه من خلال كل ما سبق ذكره من تجاوزات ومعاينات، أن السلطات الإماراتية تسئ استعمال مراكز المناصحة لتطال الناشطين الحقوقيين والمدونين ووضعهم في سلة واحدة مع الإرهابيين .
  • مما يؤكد أن الهدف من هذه المراكز تمديد عقوبة السجن واستمرارا حبس المحكومين بشكل تعسفي دون أساس قانوني مثلما هو الحال في قضية محمد الملا وبدر البحري وعبدالله الحلو والنجار، قصد زجرهم عن التعبير بحرية وعرض مواقفهم من بعض القضايا الداخلية ببلادهم، ويحاول النظام جعلهم عبرة لغيرهم ممن يفكر في معارضته حتى وإن كانت النتيجة معاضة مدنية سلمية .

 

  • التوصيات
  • - يفترض ألا تكون مراكز المناصحة تابعة للمؤسسة العقابية، وأن تكون تحت اشراف هيكل مدرني ذو صبغة اجتماعية تكفل للمتهم كافة حقوقه المدنية بما في ذلك الزيارات العائلية، وتوفر له متابعة نفسية مختصة .
  • لا ينبغي أن تكون هذه المراكز بأي شكل من الأشكال ذات نزعة عقابية انتقامية ولا ينبغي أن تقام أصلا في مبنى تابع للمؤسسة العقابية .
  • يتعين على القضاء أن يوضّح منذ اصدار الحكم على المتهم المدة المحددة التي يقضيها المتهم المنتهية محكوميته داخل مركز المناصحة .

 

الكاتب