حلفاء الإمارات يواصلون مساعيهم لتعطيل أعمال البرلمان التونسي

حلفاء الإمارات يواصلون مساعيهم لتعطيل أعمال البرلمان التونسي

بعد فشل حلفاء أبوظبي في الانتخابات الرئاسية التونسية  وضعف النتائج التي حققوها في الانتخابات التشريعية،  يلجأ حلفاء الإمارات في البرلمان التونسي تحركاتهم للتأثير على الحياة السياسية عبر تعطيل أعمال البرلمان،  حيث تتصدر رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، هذه التحركات  رغم اقتراب الموعد النهائي للمصادقة على مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، وما يمثّله ذلك من خطر على البلاد، تعطيل بدأ من أول يوم لها تحت قبة قصر باردو، وفي كلّ مرة تتخذ حجّة جديدة أغلبها متعلّقة بحركة النهضة الإسلامية.

هذا التعطيل لأعمال البرلمان –أعلى سلطة في تونس- الهدف منه ترذيل الحياة السياسية في البلاد تنفيذا لأوامر دولة الإمارات العربية المتحدة التي تكنّ عداء كبيرا للتجربة الديمقراطية في مهد الربيع العربي، وتسعى جاهدة لإفشالها مهما كلّفها الأمر، بحسب ما أورده تقرير لموقع "نون بوست".

أولى علامات التعطيل، بدأت عند أول جلسة للبرلمان الجديد والتي خصّصت لانتخاب رئيس له، حيث رفضت عبير موسي أداء اليمين الدستورية بشكل جماعي، وانتقدت موسي قيام رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي ترأس الجلسة الأولى للبرلمان باعتباره أكبر النواب سنا، تلاوة القسم وطلبه من نواب الشعب ترديده بشكل جماعي من بعده.

احتجّت موسي حينها وعطّلت عمل البرلمان وبثت الفوضى فيه، رغم أنه كان المفروض أن يكون يوما احتفاليا فقد حاولت عبير موسي التي كانت تشغل منصب أمين عام مساعد لحزب التجمع المنحل (حزب ابن علي) قبل الثورة، أن تعطي صورة سيئة للبرلمان التونسي الجديد في أول أيام عمله.

خلال الجلسة الثانية، المخصصة لانتخاب النائب الثاني لرئيس البرلمان، عاودت عبير موسي الكرّ وحاولت تعطيل العمل بأن هاجمت نواب ائتلاف الكرامة ووصفتهم بـ "الدواعش"، وظهرت عبير موسي خلال عملية فرز الأصوات وهي تصرخ وتعربد وتتهجم على النائب في ائتلاف الكرامة زياد الهاشمي وخاطبته قائلة "أنتم إرهابيون ودواعش".

واصلت عبير موسي تعطيلها عمل مجلس نواب الشعب، ففي كلّ جلسة تختلق مشكلة وتبدأ بالصياح، إلى أن وصل بها الأمر حدّ الاعتصام بمقر مجلس النواب، معتبرة أن الدولة التونسية أفتكت منهم والمؤسسات التونسية اغتصبت، على حدّ تعبيرها.

موسي وجماعتها قرّروا الاعتصام وحاولوا اقتحام مكتب رئاسة المجلس، كما اقتحموا اللجنة الوقتية المختصة في النظر في مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2019 ومشروع قانون المالية لسنة 2020، وعطلوا عملها.

 

وأكّدت عبير موسى أن كتلتها لن تسمح بعقد جلسة عامة لمناقشة قانون المالية لسنة 2020 دون تقديم اعتذار رسمي، مؤكّدة أن الاعتصام متنقل في كل ربوع المجلس ولا يقتصر على قاعة الجلسات، وتصرّ "سليلة التجمعيين" على الحصول على اعتذار من رئاسة البرلمان وكتلة حركة النهضة بعد المشادات الكلامية التي حصلت بينها وبين نائب عن كتلة النهضة.

الدور الإماراتي

ما تقوم به عبير موسي في البرلمان، يتنزّل ضمن خطة محكمة موكولة إليها في البرلمان من قبل دولة عرفت بمعاداتها للثورة التونسية، هذه المهمة تسعى من خلالها موسي والداعمين لها، إلى ارباك عمل مجلس النواب وترذيل العمل السياسي في البلاد.

عبير موسي لن تقتصر على الشتم والصياح، بل ستستعى لمعركة جسدية داخل البرلمان حتى تقدم نفسها "ضحية"، الهدف من ذلك عودة صراع الهوية وإدخال البلاد في صراعات جانبية تخدم مصلحة الدولة الخليجية الداعمة لها.

هذه الدولة، وفق عدة مصادر أوردها التقرير  هي الإمارات، تلك الدولة حديثة العهد التي كلما ذكر اسمها في تونس إلا وذكر معه الدور التخريبي الذي تمارسه في مهد الربيع العربي، مستغلة ترسانة من البيادق موزعة على العديد من المجالات، تحركها وفق إرادتها "السيئة" بغية ضرب التجربة الديمقراطية الاستثنائية فيها، حتى ارتبط اسمها بكل "خبيث" في تونس.

تفيد مصادر تونسية بأن دولة الإمارات منحت الضوء الأحمر لعبير موسي للقيام بأي عمل مهما كان نوعه، المهم أن يؤدّي في النهاية إلى إفشال عمل البرلمان، وإدخال البلاد في صراعات جانبية وهامشية لا مصلحة للمواطن فيها.

وتسعى أبوظبي لتصدّر عبير موسي العمل السياسي في تونس، حتى تنقضّ على الحكم مهما كلّفها ذلك، معتبرة أن الحل لإفشال التجربة الديمقراطية التونسية هو رجوع التجمعيين الذين طردهم الشعب سنة 2011 إلى الحكم.

ولا تخفي موسى إعجابها وولاءها للإماراتيين، وسبق أن كشف تقرير  لموقع "نون بوست"، وجودها ضمن الذراع السياسي لشبكة مصالح إماراتية في تونس تعمل على إفشال الانتقال الديمقراطي الذي تشهده البلاد منذ سقوط نظام بن علي في يناير 2011، ومصادرة القرار السيادي التونسي.

وسبق أن أسندت إلى عبير موسى مهمة ضرب الفرع التونسي للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الذي تأسس سنة 2012، وينتمي إليه بعض قيادات حركة النهضة على غرار وزير الشؤون الدينية الأسبق نور الدين الخادمي، خدمة للإماراتيين والمحور الذي يقودونه إلى جانب السعودية.

أما اليوم، فقد أسند إليها مهمة ترذيل العمل السياسي في البلاد، من خلال تعطيل عمل مجلس نواب الشعب وتسويق صورة سيئة عنه، حتى ينقطع التونسيين عن السياسية ويقلّ دعم الخارج لهذه التجربة الديمقراطية.

اختيار عبير موسي لهذه المهمة، جاء على خلفية معاداتها للثورة وولاءها للتجمع المنحل، وبدأت موسى نشاطها السياسي قبل الثورة، صلب هياكل التجمع وأذرعه الجمعياتية والمهنية، حيث تقلدت عدة مهام على غرار مساعدة رئيس بلدية أريانة وعضو المنتدى الوطني للمحامين إضافة إلى مسؤولية الكتابة العامة للجمعية التونسية لضحايا الإرهاب.

وعرفت عبير موسى التي كانت تشغل منصب أمين عام مساعد لحزب التجمع المنحل (حزب بن علي) قبل الثورة، بكونها ضد الثورة وضد كل مخرجاتها، حتى إن مشروعها السياسي هو مواصلة للمرحلة التجمعية النوفمبرية التي تعتز بها عبير موسى وتتباهى بها.

وتشدد موسى رفضها الكامل والقطعي لثورة يناير/كانون الثاني 2011، حيث تؤكد نيتها العمل على كشف حقيقة ما حصل في تلك الفترة، معتقدة بتعرض الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي لضغوط دفعته لمغادرة تونس "رغمًا عن إرادته".

كما عرفت موسى بخطاباتها التي تتهجم فيها على الربيع العربي، وسبق أن قالت: "الربيع العربي انتهى والعمل الآن هو إنقاذ تونس من منظومة الخراب التي جاءت بها الثورة الوهمية التي أنجزت في الغرف المغلقة لدوائر المخابرات الأجنبية لإسقاط البلاد وتحويلها إلى دولة فاشلة".

اذا تواصل أبوظبي تحركاتها  لضرب التجربة الديمقراطية التونسية وإفشالها مهم كلّفها الأمر، وذلك بمساعدة بيادق داخلية تعمل بإمرته رغبة في السلطة والمال، دون أن تكون مصلحة الشعب في حسبانهم.

ويواصل إعلام رسمي يتبع لدولة الإمارات التحريض على الرئيس التونسي قيس سعيد ضمن مؤامرات أبوظبي المستمرة منذ سنوات في البلاد.

ونشر موقع “العين الإخبارية” التابعة للمخابرات الإماراتية تقريرا تحريضا يزعم أن تكاليف إقامة قيس سعيد وتنقلاته “أثارت جدلا كبيرا لدى الرأي العام”، وذلك بسبب رفضه المبيت في قصر قرطاج.

وكان سعيد، الذي تم انتخابه في 13 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي قرر البقاء في منزله الخاص بمنطقة “المنيهلة”، في أحد ضواحي العاصمة تونس.

وادعى الموقع الإماراتي أن حركة تنقل سعيد يوميا تؤدي في إغلاق الطرقات وتوقف كبير لحركة السير، فضلا عن تكاليف التنقل.

وزعم الموقع نقلا عن مصادر من الأمن الرئاسي أن “تكلفة التنقل تزيد عن 60 ألف دولار شهريا، وهو رقم ضخم حسب عديد المراقبين”.

وادعى الموقع الإماراتي أن هذه التكاليف تتناقض مع خطاب الرئيس المعلن أثناء حملته الانتخابية ورسائله المتعددة، بأنه “سيتبع سياسة من التقشف والزهد في مصروفاته”.

كما ادعى أن مجموعات على شبكة التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أطلقت نداء إلى رئيس الجمهورية بملازمة الإقامة في قصر قرطاج، حتى لا يتسبب موكبه في إغلاق الطرقات وإدخال المدينة في حال من الاختناق المروري الدائم.

وذهب الموقع الإماراتي حد اعتبار أن سياسة الرئيس التونسي الجديد تقوم على “الشعبوية السياسية ومحاولة كسب ود الطبقات الشعبية” رغم أن ذلك يعتبر أمرا طبيعيا في حكم أي رئيس منتخب ديمقراطيا.

الكاتب